في خطوة غير مسبوقة في صناعة التكنولوجيا والطاقة النووية، أعلنت شركة مايكروسوفت عن توقيع اتفاقية طويلة الأجل مع شركة Constellation Energy لإعادة تشغيل محطة Three Mile Island النووية في ولاية بنسلفانيا. تُعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية مايكروسوفت لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الناتج عن توسع تقنيات الذكاء الاصطناعي والالتزام بتحقيق أهدافها الطموحة في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2030.
إعادة تشغيل محطة نووية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة
أعلنت Constellation Energy، أكبر مشغل للمفاعلات النووية في الولايات المتحدة، أنها ستستثمر ما يصل إلى 1.6 مليار دولار لإعادة تشغيل الوحدة الأولى من محطة Three Mile Island النووية، التي أُغلقت في عام 2019 بسبب عدم قدرتها على المنافسة الاقتصادية. من المتوقع أن تعود المحطة للعمل بحلول عام 2028، حيث ستوفر أكثر من 800 ميغاواط من الكهرباء، وهي كمية كافية لتشغيل حوالي 800,000 منزل.
تأتي هذه الصفقة في وقت يشهد فيه الطلب على الكهرباء ارتفاعًا هائلًا بسبب التوسع السريع في استخدام الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للحوسبة السحابية. يعد هذا الاتفاق أول مرة تحصل فيها مايكروسوفت على مرفق نووي بالكامل لتزويد مراكز بياناتها بالطاقة، مما يعكس مدى الأهمية التي توليها الشركة للطاقة النظيفة والمستدامة.
الطاقة النووية كحل نظيف لتلبية الطلب المتزايد
تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت تحديات كبيرة في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الناتج عن التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، مع الالتزام بتقليل بصمتها الكربونية. وفي هذا السياق، تعتبر الطاقة النووية خيارًا مثاليًا لأنها توفر طاقة خالية من الكربون على مدار الساعة، مما يجعلها مصدرًا موثوقًا لتشغيل مراكز البيانات التي تعمل على مدار اليوم.
أكد بوبي هوليس، نائب رئيس مايكروسوفت للطاقة، أن شراء الطاقة النووية هو جزء من خطط مايكروسوفت لتشغيل شبكتها الضخمة من مراكز البيانات بالطاقة النظيفة بحلول عام 2025. وأشار إلى أن هذا القرار سيساعد الشركة في تحقيق أهدافها البيئية الطموحة، لا سيما في ظل الطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
توسعات مراكز البيانات وزيادة استثمارات مايكروسوفت
تستمر مايكروسوفت في توسيع بنيتها التحتية لمراكز البيانات لتلبية الطلب المتزايد على الحوسبة السحابية وتقنيات الذكاء الاصطناعي. خلال السنة المالية الماضية التي انتهت في يونيو، أنفقت الشركة أكثر من 50 مليار دولار على توسيع مراكز البيانات والبنية التحتية، ومن المتوقع أن تتجاوز هذا الرقم خلال السنة المالية الحالية.
تُستخدم الطاقة النووية التي ستوفرها محطة Three Mile Island لدعم توسع مراكز البيانات في عدة مناطق رئيسية في الولايات المتحدة، بما في ذلك شيكاغو وفيرجينيا وبنسلفانيا وأوهايو. يعد هذا التوسع جزءًا من استراتيجية مايكروسوفت لتعزيز وجودها في سوق الحوسبة السحابية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي يتطلب كميات هائلة من الطاقة لتشغيل البنية التحتية المتقدمة.
تحفيز الصناعة النووية واستجابة للمخاوف البيئية
تشير صفقة مايكروسوفت إلى زيادة الاهتمام بالطاقة النووية كمصدر نظيف ومستدام لتوليد الكهرباء. فقد شهدت الصناعة النووية خلال العقود الماضية تراجعًا بسبب الحوادث الكبرى مثل كارثة تشيرنوبيل وفوكوشيما، إضافة إلى التحديات الاقتصادية التي واجهتها المحطات النووية القديمة في منافسة الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة.
ومع ذلك، فإن زيادة الطلب على الكهرباء وخطط الحد من الانبعاثات الكربونية أعاد الاهتمام بالطاقة النووية. فمن خلال قدرتها على توليد كميات كبيرة من الكهرباء على مدار الساعة دون انبعاثات كربونية، تُعتبر الطاقة النووية جزءًا أساسيًا من الحلول العالمية لتحديات تغير المناخ.
الصفقة في سياق التحول العالمي للطاقة
هذه الخطوة تأتي في وقت تتسابق فيه دول العالم لتعزيز قدراتها في إنتاج الكهرباء الخالية من الكربون. في الولايات المتحدة، يُعد تشغيل المحطات النووية القديمة واستثمار المزيد في تطوير تكنولوجيا الطاقة النووية الصغيرة والمتقدمة جزءًا من استراتيجية الحكومة لتعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتسعى مايكروسوفت من خلال هذه الصفقة إلى ضمان استمرارية إمدادات الطاقة لمراكز بياناتها المتزايدة في ظل الطلب المتنامي على الذكاء الاصطناعي. كما أنها تعزز من سمعتها كشركة رائدة في الالتزام بالاستدامة البيئية، حيث تسعى إلى تحقيق هدفها بأن تصبح كربونية سالبة بحلول عام 2030، أي إزالة انبعاثات أكثر مما تنتج.
تُعد صفقة مايكروسوفت مع Constellation Energy لإعادة تشغيل محطة Three Mile Island النووية خطوة جريئة تعكس التزام الشركة بالتكنولوجيا النظيفة والاستدامة. في وقت تواجه فيه العالم تحديات هائلة في توفير الطاقة النظيفة لتلبية الطلب المتزايد على التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، تُعد الطاقة النووية جزءًا من الحلول المستقبلية التي تساهم في تحقيق أهداف العالم في مكافحة تغير المناخ.
من خلال هذه الصفقة، تضع مايكروسوفت نفسها في مقدمة الشركات التي تستثمر في الطاقة النووية كجزء من استراتيجيتها لتحقيق أهداف الحياد الكربوني وتعزيز استدامة بنيتها التحتية. كما أنها تؤكد على أهمية الطاقة النووية في دعم الابتكارات التكنولوجية المستدامة في المستقبل.